قد يصبح "الاخوان المسلمون" القوة السياسية الرئيسية في مصر

قد يصبح "الاخوان المسلمون" القوة السياسية الرئيسية في مصر

أثارت الشكوك اقوال الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بانه اذا تنحى، فسيستولي على السلطة "الاخوان المسلمون". فكان الكثيرون يعتبرون هذا وقتئذ مجرد "تخويف" من النظام السابق، الذي تشبث بالسلطة على مدى 3 عقود من السنين.

ومع ذلك، وبعد مرور 6 اشهر على تنحي مبارك من منصب الرئاسة، بدت فرص خصومه المتشددين للامساك بزمام الامور في البلد، واقعية تماما.

ويدير شؤون البلد في الوقت الحاضر المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الذي يتكون من جنرالات الجيش، الا انه من المفروض ان تجرى في مصر في الخريف اول انتخابات برلمانية بعد سقوط النظام.

ويولي المراقبون هذه الانتخابات اهتمام بالغا. لانه يتعين على نواب البرلمان الجديد، وفق خطة نقل السلطة من القيادة العسكرية الى سلطة مدنية، تشكيل لجنة اعداد الدستور الجديد، الذي سيحدد نهج البلد في السنين القادمة.

ويرى طارق حجي، الباحث السياسي والمفكر الليبرالي المصري البارز، انه اذا سيطر "الاخوان" حقا على البرلمان، فان هذا سيؤدي الى ركود سياسي و اقتصادي طويل في مصر. ويقول حجي ان "مصر ستبقى في ايديهم فترة طويلة ، لحينما يحل الافلاس الاقتصادي والسياسي التام". واضاف ان حركة "الاخوان المسلمين" وحزب "الحرية والعدالة" الذي تأسس مؤخرا، يعتبران من احسن المنظمات السياسية تنظيما، ويمارسان نشاطهما مع الناخبين منذ فترة طويلة في كافة محافظات البلد.

ويشتهر "الاخوان المسلمون" ايضا بنشاطهم الخيري، مما يكسبهم اصوات شرائح المجتمع الفقيرة.

وفيما يخص القوى الليبرالية، التي بوسعها منافسة الاسلاميين المتشددين، حسب قول حجي، فانها"موجودة بصورة رئيسية في الصحف وشاشات التلفزيون". ويضيف حجي ان "التحدي الرئيسي يكمن في الناخبين الاميين"، الذين يشكلون، حسب معلوماته، اكثر من 40 % من السكان.

ويرى في غضون ذلك، ان من الممكن الحيلولة دون هيمنة "الاخوان المسلمين" في البرلمان، اذا شارك في الانتخابات بنشاط الاقباط وانصار القوى الليبرالية وكذلك اتباع الفرق الصوفية، التي تعارض الاسلام السياسي. وتجري في مصر في الوقت الحاضر نقاشات مكثفة حول مستقبل الدولة، مراعاة لعدم وجود دستور وبرلمان في البلد حاليا. ويدور الجدل في الغالب، حول دور الاسلام في كيان الدولة الجديدة.

وقد الغى العسكريون حال استلامهم السلطة الدستور، وحلوا مجلسي البرلمان، وحظرت المحكمة نشاط الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم السابق، وعلى العكس، اسس "الاخوان المسلمون" "المحظور نشاطهم حتى الماضي القريب، حزبا سياسيا علنيا.

والجدير بالذكر لم ترفع ابان الانتفاضة الشعبية الجماهيرية في بداية عام 2011، التي ادت الى سقوط نظام مبارك، اي شعارات دينية. وانما على العكس، كانت "حركة 6 ابريل" ومنظمات الشباب الاخرى، تطالب بالمرتبة الاولى، بالحريات المدنية والحياة الكريمة لكافة المصريين.

ولكن في الاسابيع الاخيرة كان معظم المشاركين في المظاهرات في مصر من انصار "الاخوان المسلمين" بالذات، وكذلك من السلفيين. وهذا يثير بلا ريب قلق القوى السياسية الليبرالية والطائفة المسيحية في البلد. بينما يتهم حزب "الحرية والعدالة" خصومه بتشويه اهداف الحزب بتعمد.

فقال محمد سعد الكتاتني، الامين العام للحزب "في الغالب يجري الخلط بين الدولة الاسلامية والثيوقراطية، التي لا وجود لها في الاسلام". واضاف ان الحزب يعتبر كافة المصريين وفقا للشريعة، متساوين في الحقوق. وعلاوة على ذلك، تعتبر الشريعة، كما اعلن الكتاتني، ضمانة لمراعاة حقوق المسيحيين المصريين.

كما يتحدث الاسلاميون بحذر عن دورهم في الدولة، مؤكدين ان الحزب لن يقدم مرشحه لمنصب الرئاسة. ويعلن حزب "الحرية والعدالة" في غضون ذلك، عن طموحه بكسب 45 ـ 50% من مقاعد البرلمان.

وان هذا التمثيل يتيح للحزب المشاركة بنشاط لا في تدوين الدستور فحسب، بل وفي تشكيل مجلس الوزراء.

وبدأ حزب "الحرية والعدالة" علاوة على ذلك، حسب معلومات مصادر مصرية، باشراك اختصاصيين بارزين في اعداد برامج تنمية طويلة الامد في قطاعات الاقتصاد، مثل السياحة وبناء المساكن. كما يعكف الحزب على اقامة علاقات مع العالم الخارجي، بتنظيم لقاء مع دبلوماسيي مختلف الدول، بما فيها روسيا والولايات المتحدة.

واسس جماعة "الاخوان المسلمين" المعلم الريفي حسن البنا في عام 1928، بهدف اقامة دولة اسلامية في مصر. وحظر نشاط الجماعة رسميا عام 1954، ولكنها حافظت على نفوذها وشهرتها في المجتمع طوال السنين.

وفي عهد الرئيس حسني مبارك، كانت الشرطة المصرية تعتقل اعضاء الجماعة في مختلف محافظات البلد بصورة دورية. وان العديد منهم مثلوا امام محاكم عرفية، وادينوا بفترات سجن طويلة.

ومع ذلك، يمتلك "الاخوان المسلمون" خبرة العمل في البرلمان. ففي انتخابات عام 2005 افلح اكثر من 80 مرشحا في الوصول الى البرلمان كمستقلين، وشكلوا اكبر كتلة معارضة. ولكن في انتخابات نهاية 2010 لم يكسبوا اي مقعد نيابي. وحدث هذا، حسب رأي "الاخوان"، بسبب تزوير الانتخابات من قبل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وقتئذ، الذي كسب اكثر من 80% من مقاعد البرلمان، حارما المعارضة من التمثيل. ويعتبر، ان تزوير نتائج الانتخابات البرلمانية بالذات، كان الحافر لانطلاق الاحتجاجات المصرية، التي اطاحت بنظام مبارك.

المصدر: وكالة انباء "نوفوستي" الروسية