أنا عانس, قررت أن أكون عانسا, يوميات عانس,ما أحلي ان تكوني عانسا. هذه بعض الاسماء لمواقع عديدة علي شبكة الإنترنت اسستها مجموعة من الفتيات المصريات اللاتي يطلق عليهن قاموس اللغة العربية لقب عانس.
هؤلاء الفتيات أحدثن ثورة في عالم العنوسة عندما أعلن بكل جسارة انهن يفضلن قعدة الخزانة ولا جوازة الندامة وقبلن ان يطلق عليهن لقب عانس بدلا من مطلقة وأعلن ايضا أنهن يرفضن نظرات المجتمع الجارحة لهن ويرفضن قبول أي رجل يتقدم للزواج لأن هذا معناه حياة زوجية تعيسة مقابل اكتساب لقب زوجة أو حرم فلان أو لمجرد أن ظل راجل ولا ظل حيطة.
أحدث موقع إلكتروني في قائمة هذه المواقع أسسته صحفية واعدة رقيقة عمرها27 عاما اسمها يمني مختار تتحدث عنه فتقول: الموقع الجديد اسمه عوانس من أجل التغيير ويطرح فكرة جديدة في مسألة العنوسة, وهي دعوة المجتمع إلي تغيير النظرة السلبية الموجهة للعانس في مصر.. هذا الموقع صار حركة اجتماعية بعد أن وصل عدد المشاركين فيه إلي820 فردا, وهذه الحركة ليست ضد الرجال بدليل انضمام مجموعة كبيرة من الرجال إليه, والغرض منها ليس دعوة الفتيات إلي العزوف عن الزواج لأنه نصف الدين بل العكس تشجيعهن علي الزواج لكن من الرجل المناسب فكريا وثقافيا واجتماعيا حتي يستطعيا معا تكوين اسرة سليمة تكون نواة لمجتمع سليم, ويشجع الموقع ايضا الفتيات علي فكرة ان من حقهن رفض الزواج تحت أي ضغوط أسرية أو أجتماعية.
كيف نشأت هذه الحركة وكيف تبلورت في ذهن يمني ؟.. أجابت لقد بدأت بمدونة اسمها تنهيدة السماء استعرضت خلالها نماذج لبعض الخطوبات الحديثة التي تحدث من حولي سواء علي مستوي الاصدقاء أو الزملاء في العمل أو الأهل, ولاحظت فيها انحسار المشاعر إلي أضيق الحدود وطغيان المادية.
وانطلاقا من هذه المدونة فكرت في تأسيس موقع آخر كان صادما لكل من اطلع عليه بداية من اسمه وهو ما أحلي ان تكوني عانسا!! عرضت خلاله بعض نماذج من زيجات الصالونات, حيث تتحول اللقاءات بين العريس والعروس في بعض الاحيان إلي مواقف مؤسفة أو ساخرة مثلما يحدث عندما يأتي العريس ليتفرج علي العروس كأنها بضاعة يريد أن يشتريها ويتفحصها بشكل مخجل ثم يختفي عندما لا يجد العروس علي هواه.
سألت د.فيفيان أحمد فؤاد استاذ الطب النفسي بجامعة حلوان, عن الاسباب التي أدت إلي تباهي الفتيات بعنوستهن في السنوات الأخيرة حتي إنهن اصبحن يعلن عنها في مدونات ومواقع وحركات اجتماعية علي الانترنت.
فأجابت ان الفتاة المصرية في السنوات الأخيرة فضلت عنوستها عن التسرع في جوازة الندامة, واوضحت أن الثلاثين عاما الأخيرة شهدت طفرة في وعي المرأة المصرية بقيمتها فاستعادت ثقتها بنفسها وبكرامتها كأنثي, خاصة بعد أن تفوقت في العديد من المجالات العلمية والعملية ولم تعد بحاجة إلي تقديم تنازلات في مسألة الزواج, بل تنتظر الزوج المناسب الذي يأتي في أي زمان.
وفسرت د.فيفيان تأخر سن الزواج لدي الفتاة الآن بأن مشوار المرأة مع التفوق يحتاج إلي الوقت والجهد. هذا النجاح كلف الفتيات العديد من التضحيات, لعل أبرزها كان تأخر سن الزواج وتجاوز سن الثلاثين, الأمر الذي صار لا يقلقها علي الاطلاق بل انه صار مقبولا اجتماعيا أكثر من ذي قبل.
سألتها: عن الاسباب التي أدت إلي تأخر سن الزواج بصفة عامة؟واصبحت العنوسة مشكلة تؤرق الآباء والمجتمع؟
فأجابت: د. فيفيان: ان الارقام تشير إلي أنه يوجد11 مليون عانس في مصر, وهو أمر مخيف يدل علي أن هناك ظاهرة اجتماعية تدعو للقلق وسببها الأول هو الحالة الاقتصادية التي من المتوقع ان تتدهور خلال الأعوام المقبلة نتيجة لتفاقم الأزمة المالية العالمية, بالاضافة إلي المغالاة في المهور ونفقات الزواج وتعنت الأهل وطلباتهم التي تفوق قدرات الشاب في بداية حياته العملية, ولذلك يجب علي الآباء ان يتساهلوا في زواج بناتهم ويعتبروا العريس الذي يطلب يدها ابنا لهم ويساعدوه ويقفوا بجواره حتي ينقشع شبح العنوسة عن المجتمع.