لا أعرف ماذا أكتب, فمشكلتي ليس لها حل إلا إذا رحم ربي!
قصتي عمرها9 سنوات, كل يوم يمر علي أموت فيه ألف مرة.. حتي أني فكرت كثيرا في إنهاء حياتي بنفسي, بعد أن دعوت الله كثيرا أن يريحني من هذه الحياة, ولكنه لم يستجب لي.
تبدأ مأساتي الحقيقية عندما تزوجت منذ21 عاما, تزوجت زيجة فاشلة استمرت ثماني سنوات, وكان طبيعيا أن تنتهي بالطلاق بعد أن أصبحت أما لطفلتين بريئتين لم يرتكبا إثما حتي تعيشا مع أبوين منفصلين. بعد الانفصال قررت أن أكرس حياتي لهما, لا شيء سوي العمل وهما. ظللت هكذا لمدة3 سنوات حتي التقيته في عملي. كان خبيرا, شابا وسيما, عرف أني معقدة من الرجال والزواج, فلم يفرض نفسه علي, تقرب إلي تدريجيا, عرف كل شيء عني, أمسك بمفاتيح شخصيتي, لكني كنت أقاوم, فلم أستسلم له.. كان ذكيا, عرف ماذا أكره في الرجال, فكان يبدو لي علي نقيض ما أكره.. طلب مني الزواج وهو يعلم صعوبة ذلك لأن طليقي في هذه الحالة سيأخذ البنتين.. لم ييأس, وأمام ضغطه وإصراره علي أنه يحبني وسيراعي ابنتي وافقت علي الزواج منه عرفيا.
لم يمض علي زواجنا أسابيع حتي اكتشفت الوجه القبيح لهذا الرجل.. وقعت ضحية لرجل كاذب, متزوج بأخري ولديه أربعة أطفال, فواجهته بكذبه وخداعه وقلت له إني لن استمر معه, لأني لا أقبل أن أدمر حياة أسرة وزوجة لم ترتكب ذنبا حتي أشتت شملهما, وأسرق أبا من بيته وحضن أولاده. أصررت علي موقفي ومزقت ورقة الزواج أمامه وخرج مؤقتا من حياتي, حتي اكتشفت أن غبائي والأقدار أبت عليه أن يخرج بل تحول إلي كابوس لا يفارقني علي الرغم من اختفائه المريب.
بعد أن خرج هذا الرجل من حياتي, اكتشفت أنني حامل.. دارت بي الدنيا وكدت أموت كمدا خاصة أني لا أعرف عنوانا محددا له.. بذلت جهدا مضنيا حتي وصلت إلي عنوان مقر شركته وذهبت إليه, فاكتشفت أنها شقة كانت مؤجرة, وتركها وهرب بعد أن نصب علي العديد من عملائه وأنه يحمل أكثر من اسم, أمضيت أياما طويلة والحمل يكبر في أحشائي أفتش عنه, حتي أنجبت طفلتي الثالثة, وسلمت أمري لله بعد أن أيقنت أني أبحث عن سمكة في المحيط.
ابنتي عمرها الآن8 سنوات, بدون شهادة ميلاد حتي الآن, لم أستطع إدخالها المدرسة.. أقرانها الآن في الصف الثالث الابتدائي, وكل يوم تسألني: إمتي ياماما هادخل المدرسة, قلبي يؤلمني وهي تسأل! أليس كافيا أنها تعتقد أن والدها ميت, والناس حولي تعرف أني مطلقة.
أول حق لابنتي ان يكون لها شهادة ميلاد, لا أستطيع أن أصرخ أو أن أسأل الناس المساعدة, لأن أي أحد سيسمع الحكاية سيظن في بكل ما هو سييء, وأخشي ما قد تتعرض له ابنتاي الكبيرتان خاصة أنهما الآن في المرحلة الجامعية.
سيدي, فكرت في إدخال ابنتي الصغري دارا لرعاية الأيتام حتي يستخرجوا لها شهادة ميلاد بأي اسم وتدخل المدرسة, لكن هذا الحل فيه موتي وموتها.. فكرت ايضا ان آخذها في حضني وننام معا في حضن النيل, ولكني أخشي الله وأخاف علي ابنتي لأن اباهما منذ انفصالنا لا يعرف عنا أي شيء, ولو التقاهما في الطريق ما عرفهما.
لن أقول لك انقذ أما يائسة, معذبة, بل انقذ طفلة بريئة, لا ذنب لها غير أنها أتت إلي الدنيا وهي تحمل هم الدنيا ومشكلاتها علي رأسها.
لن يكون الحل هو مزيد من البحث عن هذا الأب, فقد أنهكني البحث كما أنهكتني السنون., فلجأت إليك.. كل ما أطلبه سيدي شهادة ميلاد لإنقاذ طفلتي من التشرد والضياع والعذاب.
ولو تركنا ما أقلقك كل هذه السنوات حول مصير طفلتك وأسئلتها المؤلمة, وتوقفنا أمام مسيرة حياتك لاكتشفنا ما يستحق التوقف والانتباه.
فالإنسان عندما يفكر في الزواج بآخر, فهذا يعني أنه لا يفكر في مستقبله أو سعادته فقط, وإنما يختار طريقا ومستقبلا لآخرين ليس لهم ذنب سوي أنهم أبناؤنا. أقصد مسئوليتك بأي قدر عن سوء اختيارك الأول الذي أثمر طفلين مع رجل لا يعرف معني الأبوة أو المسئولية, فانصرف عنكن بعض الطلاق دون التفكير في كيفية حياة ابنتيه وماذا تواجهان؟
من المؤكد ـ وأنت سيدة متعلمة ـ أنك أغفلت البحث والسؤال الكافيين عمن سيكون شريك حياتك ووالد أطفالك, ولو فعلت لربما اكتشفت ماقد يجنبك ما وصلت إليه, فالنتائج هي الصورة النهائية للمقدمات.
سيدتي.. لا أقصد من كلماتي تلك, إدانتك الآن, أو لومك علي سوء اختيار, ولكني أجدها فرصة قد تفيد آخرين وهم يخطون نحو الزواج.. فأغلب ما نراه الآن من مشكلات سببه التسرع وعدم السؤال عمن سنرتبط به. خاصة أن صعوبة الزواج الآن وتأخر سنه يدفع الكثيرين إلي التساهل والتعجل, فتكون الخسائر أكبر بكثير من التأخر في الزواج.
ومن هذا المنطلق أتوقف أيضا أمام زيجتك الثانية, فها أنت ـ وعلي الرغم من مرارة التجربة الأولي ـ تقعين في براثن خبير, تاريخه كله ملوث, نصب شباكه حولك فاستسلمت له ـ مع ادعائك المقاومة ـ وتزوجته عرفيا, فكانت النتيجة التي يستحيل توقعها, سيدة حاملا بعد زواج بورقة تم تقطيعها ووالد هذا الجنين مختف, بلا اسم محدد أو مكان معروف!
نهاية مأساوية ولكنها طبيعية لمثل هذا الزواج غير الشرعي, والذي يلجأ إليه كثير من الشباب والفتيات دون تفكير في عواقبه, والتي قد تكون مدمرة مثلما حدث لك. فلو كان هذا الزواج طبيعيا ما ظلت ابنتك حتي هذا العمر دون شهادة ميلاد ولم تدخل المدرسة ولم تعرف أو تر والدها