Hamad مشرف عام
عدد الرسائل : 569 متميز : 0 نقاط : 6397 تاريخ التسجيل : 21/08/2008
| موضوع: الأمواج العاتية! السبت 21 مارس - 17:55:46 | |
|
| أنا سيدة تجاوزت الثلاثين من عمري ولدي طفلان من زيجة انتهت قبل عشرة أعوام. ومحور مشكلتي هو أبي الذي تفتحت عيناي منذ صغري علي بخله الشديد وعواطفه الباردة تجاه زوجته وأبنائه. إذ لايبالي بهم ولايلقي بالأ بآلامهم ولايسأل إلا عن نفسه, ولايعرف سوي الأنانية, ويعشق الهمجية, وبالرغم من ثرائه وهو الذي كان يعمل بإحدي الشركات الكبري فإنه ظل في قمة البخل بل وأظهر أمام الجميع دائما أنه محتاج ومدين لمن يعرفهم ولمن لايعرفهم لدرجة أنه كان يطمث فرحة أي شيء جديد يشتريه لنا بأنه استدان ثمنه, ولا أتذكر يوما واحدا حمد الله فيه وقال إننا مستورون وأفضل من غيرنا مثلما أجد كثيرين ممن حولي يرددون هذه العبارة الجميلة التي تدل علي القناعة.. ولم يشتر ملابس جديدة حتي في الأعياد واكتفي فقط بتحمل قيمة الدروس الخصوصية.. أما احتياجاتنا فكانت تتحملها أمي من مالها الخاص وقد صبرت وتحملت كثيرا من أجلنا.. ولجأنا إليها في كل كبيرة وصغيرة فكانت تسمعنا باهتمام بالغ وترشدنا إلي الطريق الصحيح.. أما هو فقد تجاهلنا تماما.
ومرت الأيام ودخلت في فترة المراهقة وقال كل من يعرفونني أنني أشبه والدتي والحق أنها كانت جميلة ويشهد الجميع بذلك, وبدأ العرسان يخطبون ودي لكن لم أعر أيا منهم أدني اهتمام ليس غرورا مني ولكن لأنني أعلم جيدا موقف والدي الذي يدعي أنه لايملك شيئا وبالتالي سوف يحمل الطرف الآخر كل شيء, وهو أمر لايستقيم مع معظم الأسر. وقد ظهر بعد ذلك في حياتي شاب حسبته طوق النجاة لي مما أعانيه, فعرض علي عقد القران لكي نجعل أبي أمام الأمر الواقع فوافقته, وذهبنا إلي المأذون, وعقدنا القران, دون علم أحد ثم أخبرتهم بما فعلته وقلت لهم أنني لم يكن أمامي حل سوي ما أقدمت عليه, فغضب أبي وصب لعناته علي وعلي أمي وقال لها إنها السبب فيما حدث لأنها دللتني أكثر من اللازم, وكان علي زوجي أن يتحمل كل تكاليف الزفاف بعد أن رفض المساهمة بأي شيء حتي ولو بثمن بعض الملابس الجديدة مع أنه في العام نفسه خرج إلي المعاش ونال مكافأة خدمة كبيرة.
ولم أعبأ كثيرا بموقفه فلقد تعودت علي ذلك, وتصورت بانتقالي إلي بيت الزوجية أنني خرجت من سجن والدي إلي جنة زوجي.. لكنني اكتشفت بعد وقت قصير أنه مدمن وضعيف الشخصية, فحاولت أن أغير سلوكه وطباعه وأنجبت منه طفلين وكثرت الخلافات بيننا فوجدتني أطلب الطلاق للخلاص منه, فلم يمانع وطلقني وعدت إلي أبي وأنا أحمل طفلين, فاستقبلني بفتور, بينما حاولت أمي التخفيف عني, وهونت علينا جفاف الأيام, وتزوج إخوتي جميعا بمساعدتها وقد مرضت مرضا قصيرا ثم رحلت عن الحياة.. ولا أستطيع أن أصف لك حالي منذ رحيلها, فلقد أحسست بأن الدنيا قد أظلمت في وجهي وأنني لن أستطيع الحياة بعدها أبدا.. وتصورت أن رحيل أمي سوف يغير معاملة أبي لنا لكن هيهات لمثله أن يتغير أو أن يتزحزح عن موقفه.. نعم ياسيدي تصورت ذلك, فالآلام هي التي تعلم البشر وتجعلهم يفيقون من غيهم, وقلت في نفسي انه سوف يعيش مابقي له من عمر مثل باقي الناس فيعطي ويزرع ليحصد الخير لكني كنت واهمة فيما ذهبت إليه, إذ لم يتخل عن أنانيته.. ومع ذلك لعبت معه دور أمي, وتحملت مسئولية طفلي بمعاش والدتي وبالنفقة التي أعاني الأمرين حتي أحصل عليها من أبيهما..
وعرفت طريقي إلي عيادات الأمراض النفسية وأصبحت أنزوي مع طفلي وأغلق علينا باب الحجرة وأجتر أحزاني دون أن أجد من يخفف متاعبي ولم أجد وسيلة للتعامل مع أبي سوي الخصام والمقاطعة بالشهور, والمدهش أنه يكون سعيدا بهذه المقاطعة.. وبمرور الوقت مللت حياتي وعرضت صديقة لي فكرة أسقطتها من حياتي تماما فلقد قالت لي إن حلي الوحيد هو أن أتزوج من رجل يقدرني ويحتويني وأعيش معه حياة مستقرة مثلما فعل أخواتي, فسألت الله أن يهديني إلي من أجد فيه ضالتي, وظهر لي شخص لم يتزوج من قبل وهو لايخلو من العيوب.. وعرضت الفكرة علي أخواتي, وتركت لهن مهمة مفاتحة أبي في الموضوع فتظاهر بالترحيب مادمت أنني أري ذلك في مصلحتي, لكنه كان في قرارة نفسه يرفض زواجي بإصرار لأنني الخادمة له.. وهدأ الموضوع لفترة.
وفي أحد أيام الصفاء القليلة بيننا تحدثت معه في أمري وقلت له انه أهدي أخي شقة تزوج فيها, وأقام لأختي مشروعا صغيرا, وأعطي الأخري مبلغا عند زواجها.. أما أنا فلم يدفع لي شيئا, ولذلك فإن لي في ذمته مبلغا لكنه قال إنه لم يعد يملك شيئا, وأنني سوف آخذ حقي منه بعد رحيله, وعندما عاود العريس طلب يدي, سرد له قائمة طلبات تعجيزية ثم رفض عقد قراننا بحجة أنني أتقاضي معاشا عن والدتي, وأن هذا المعاش سوف ينقطع بمجرد زواجي فمن أين لي بمصروفات طفلي.. وهكذا وأمام تعنت أبي انصرف أخواتي من حولي أيضا.. ووجدتني أسبح في بحر من الظلمات ذي أمواج عاتية التي لاتبقي ولاتذر.. ولم أجد أمامي بدا من أن أنسحب بعيدا عن الآخرين, وأن الزم حجرتي التي لا أغادرها علي الإطلاق وليت الآباء ذوي القلوب المتحجرة أن يتعلموا من تجربتي المؤلمة ولايؤذوا بناتهم.. وأقول لهم: أفيقوا ولاتضيعوا الأمانات الموجودة بين أيديكم.. وأخيرا أسألك وقراءك الدعاء لي بالستر وبأن يفرج الله كربتي.. والسلام. {{ الواضح أن أصل مشكلتك ياسيدتي هو التفكك الأسري الذي نشأت فيه بين أب أناني لايتحدث إلا بلغة المال.. وأم مغلوبة علي أمرها تنفذ التعليمات الصادرة إليها بلا مراجعة.. ومن الطبيعي أن من ينشأ في مثل هذا الجو الخانق يعيش حياة غير مستقرة و يصبح استقراره مرهونا بالآخرين, إذ لا يستطيع أن يتخذ قرارا, وحتي إن اتخذه فإنه غالبا ما يكون قرارا غير صحيح.
وهذا هو ما حدث معك حين تمردت علي واقعك, وعقدت قرانك علي فتاك دون أخذ رأي الأسرة. ووضعتيهم أمام الأمر الواقع.. وهو قرار خطير ما كان يمكن أن تتخذيه لو أنك تعيشين وسط أسرة سوية مثل الأسر العادية التي يجمعها رباط واحد, ومن تبني حياتها علي هذا الأساس الخاطيء تحصد الندم, وتفقد القدرة علي اتخاذ القرار السليم.
وإنني ألوم أباك علي نظرته المسعورة إلي المال ورؤيته له علي أنه هو كل شيء في الحياة وكان الأولي به أن يتبع منهجا وسطا امتثالا لقوله تعالي ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا.. وانصحه بأن يعدل بين أبنائه وألا يبخسك حقك حتي يرضي الله عنه.
ولعله يفيق مما هو فيه, فيهبك مقدارا مماثلا لما وهبه لاخوتك, وانني أذكره بعاقبة عدم المساواة بين الأبناء, فالله عز وجل يمهل ولايهمل, وأسأله سبحانه وتعالي أن يهديه إلي طريق الرشاد, وأن تخرجي من قوقعتك وتباشري حياتك مع أبيك وأخوتك, وأن يوفقك إلي الارتباط بمن هو جدير بك ويحتاج إلي شخصك وليس إلي أموال أبيك.. والله المستعان. |
| |
|