كثيرا ما ترددت في الكتابة إليك لأني أعرف أن كثيرا من الناس قد لا يكترث ولا يتعاطف مع مثل هذه المشاكل ويرون تبريرات كثيرة لحل المشكلة, ولكنها في الواقع أزمة عمري الذي قد يضيع أمامي ويفوت مثل القطار السريع, ولا أعرف هل سيرسي في محطة أم أن أنه سوف يظل يمشي مسرعا ليصل بي إلي الوحدة ويضعني في محطة العنوسة التي تؤرق حياتي فأنا ياسيدي فتاة ابلغ من العمر الرابعة والعشرين خريجة كلية مرموقة ابي ضابط بالمعاش, اعيش وسط عائلتي المكونة من3 اخوات انا أكبرهن كل من يراني ياسيدي يشهد لي بالجمال والتدين ومن مظهري يعتقد أنني ابنة مليونير
وبناء علي ذلك يتقدم لي الكثير من العرسان منهم وكيل النيابة ومنهم الضابط والدكتور والمهندس نتقابل في نادينا الكبير نحن وأسرة العريس فيطير بي العريس فرحا هو وعائلته, ولكن عندما نقرر مجيئهم إلي البيت يعتذرون ويلفقون لي الاسباب التي انا بريئة منها ويقولون إن العريس رجع في كلامه, العريس الذي طار بي فرحا حتي آخر دقيقة قبل معرفة مكان بيتنا, والحقيقة ياسيدي أن ما يتخيلوه من مظهري وشكلي يخيل لهم انني أقطن في برج لم يعرفوا انني اسكن في شقة بسيطة جدا في حي شعبي بسيط أعرف أن مكان شقتنا لا يناسب مستوانا
ولكن ليس الناس باماكن سكنهم فكم كان من عظماء يقطنون الأحياء الشعبية وكم كان من فاسدين يسكنون الشقق الفاخرة وليس لديهم دين ولا أخلاق ولا مبادئ ولكن ما ذنبي أنا ياسيدي بان تضيع مني الفرص الواحدة تلو الأخري وابي الرجل القادر الذي يستطيع أن يغير مكان شقتنا, ولكن انانيته المفرطة التي تجعله لا يفكر إلا في نفسه فقط تجعله يعيش وسطنا كما يعيش شخص في فندق أكل ونوم فقط, أما أي مشكلة فهو لا يكترث بها لأن أمرنا نحن المسئولون عنه, ولكن إذا كان بيده فعل الكثير لماذا يبخل علينا ويحرمني من السعادة فأنا أري أن مكان الشقة ليس لائقا بنا
فوالدتي تموت خجلا إذا عرف احد من زملائها مكان شقتها فجيراننا من المسجلين خطر والحرامية فهل هذا مستوي نعيش فيه, أحيانا أقول أهل العريس عندهم حق كيف يواجهون المجتمع بهذا المكان اعرف ياسيدي أن الشخص المحترم لا ينظر إلي مكان شقة, ولكن ينظر إلي ديني واخلاقي, فهناك الكثير ممن تمسكوا بي ولكن في الآخر أهلهم أثروا عليهم وبعدوا عني كي لا يعصوهم.. ماذا افعل ياسيدي وأنا أري نفسي لا حول لي ولا قوة ولا أستطيع فعل شئ غير أني احتسب عند الله أمري بعد أن وصل بي الأمر إلي حد رفض مقابلة أي عريس كي لا أمني نفسي بأمر زائل قبل بدئه.. طرحت عليك مشكلتي كي اروح عن نفسي ولأن أمري يحتاج إلي كلمات تصبر قلبي علي أمري.
وأعلم انك سوف تقدر ما مر بي من حالات نفسية سيئة بعد انصراف كل عريس.
* سيدتي.. لولا أنك قلت في رسالتك إن والدك قادر علي شراء شقة في مكان أفضل, ولكنه لا يفعل لأنه ليس مشغولا إلا بنفسه, لقلت لك دعك من مثل هؤلاء العرسان الذين يتشبثون بالمظاهر ولا يلتفتون إلي جمالك وتدينك وأسرتك الطيبة.. فكثير من البنات يعشن في شقق بمناطق شعبية وهذا لا ينتقص من أقدارهن, ويكفي وجود أب شريف أفني حياته بامكانات بسيطة لتربية أبنائه تربية صالحة وتعليمهم أفضل تعليم ليتيح لهم فرص عمل وإقامة أفضل مماكانوا فيه, وهذه أشياء تجعل أي عريس يفخر بأنه يناسب مثل هذا الرجل, فالعبرة بالساكن لا بالمسكون, وبالإنسان لا بجاره.
لا أعرف إذا كان كلامي سيجدي مع والدك أم لا, ولكني سأذكره بمسئوليته كراع عنكم أمام الله, وعليه طالما يستطيع أن يوفر لكم مكانا أفضل للإقامة ليس فقط من أجل العرسان ولكن حتي يكون آمنا عليكم, ولعله يتذكر الآن قبل فوات الأوان, أنه يغرس فيكن مرارة تجاهه, وأنه سيأتي اليوم الذي تذهبن فيه إلي بيوت أزواجكن وسيجد نفسه وحيدا في تلك المنطقة, فليغرس من الآن في قلوبكن المحبة حتي يجنيها طاعة ورحمة.
أما أنت أيتها العروس الغاضبة, هدئي من غضبك, فمازلت صغيرة علي كل هذا الخوف, وتذكري دائما أنك تستحقين زوجا عاقلا محترما يختارك لعلمك ودينك وعائلتك, فإذا انصرف لمجرد معرفته بأنك تعيشين في منطقة شعبية, فهذا لا يستحق الحزن عليه, فالزواج اختبار دائم, فمن يتخلي منذ البداية لا يؤتمن في رحلة الزواج الطويلة, فلا تتعجلي, وسوف تأخذين نصيبك الذي تستحقينه في الوقت الذي قدره الله لك