<H3 dir=rtl>صحيح أن شر البلية ما يضحك.. فقد نشرت الصحف خبرا وصورة فوتوغرافية.. الخبر من دبي ومفاده أن آلاف السيارات من جميع الماركات والأشكال والأنواع, والتي حصل عليها أصحابها بنظام الائتمان والتقسيط من العديد من البنوك العاملة في دبي.. يتركها ملاكها الآن في الشوارع والمطارات لعدم استطاعتهم دفع أقساطها الشهرية بعد ان فقدوا وظائفهم, ومن ثم فقد لجأ هؤلاء الي تسوية جميع متعلقاتهم ومغادرة البلاد نهائيا, تاركين السيارات في الشوارع بعد ان وضعوا مفاتيحها وأوراقها داخل التابلوهات, وتقوم البنوك بتجميع هذه السيارات ومحاولة بيعها بأي سعر لاسترداد بعض حقوقها التي ضاعت( وشيء أحسن من لا شيء). أما الصورة الفوتوغرافية فهي لأمريكي تم فصله من العمل, فوقف علي الطريق السريع بولاية كاليفورنيا, ورفع بيد لافتة كتب عليها( وظفوني) وأمسك باليد الأخري نسخة من سيرته الذاتية وشهادات الخبرة في مجال عمله السابق كمندوب مبيعات.
ورغم ما في الخبر والصورة من طرافة إلا انهما يعكسان بحق الواقع المؤلم الذي تعانيه كل دول العالم الآن بما في ذلك الدول الغنية, نتيجة تداعيات الإعصار المالي المدمر الذي ضرب العالم وأدي الي إفلاس العديد من الشركات والمؤسسات العملاقة, وما واكب ذلك من فقد الملايين حول العالم وظائفهم, من أسف فإن خبراء الاقتصاد الثقات يقولون بأن الأسوأ قادم, ولن ينجو من توابع هذا الإعصار أحد.
وفي مصر اتضحت توابع الإعصار في نواح عديدة, ويتساءل البعض: لماذا هذا الإصرار من جانب بعض مسئولينا علي إنكار هذا الواقع وغياب, أو إن شئت الدقة إهمال تعبئة الرأي العام لمواجهته؟. أهو من منطلق ان الناس( مش ناقصة), أم تري أن لمسئولينا رأيا آخر في تداعيات ومردودات الأزمة المالية العالمية؟
وإذا كانت الحسنة الوحيدة للإعصار المالي هي أسعار المواد الغذائية والمواد الخام التي انخفضت عالميا.. فلماذا يسيطر الجشع علي بعض تجارنا ويركبون رؤوسهم رافضين كل الطلبات ضاربين بعرض الحائط كل النصائح وحتي التحذيرات من أنهم قد يشهرون إفلاسهم في ظل هذا الركود الاقتصادي الذي لم يشهد له العالم مثيلا علي مدي سبعين عاما, إذا هم أصروا علي عدم تخفيض الأسعار أسوة بما حدث في كل أرجاء العالم؟. إن حجتهم الواهية أن لديهم مخزونا من سلع اشتروها بأسعار عالية قبل حدوث الانخفاض, وهي كلمات حق يراد بها باطل, لأن هؤلاء التجار أنفسهم حين اشتروا في وقت سابق هذه السلع بأسعار منخفضة ثم ارتفعت أسعارها عالميا في وقت لاحق, قاموا في التو واللحظة برفع الأسعار, ولم نر أحدا منهم يلتزم بالأسعار التي كانت سارية آنذاك,
ومن ثم فقد حققوا أرباحا طائلة من لا شيء سوي الجشع والطمع واستغلال الظروف. ولأن الشيء بالشيء يذكر, فهاهم بعض رجال الأعمال يقعون ضحايا للملياردير الذي استولي علي مائة مليون دولار لتوظيفها في البورصة, الأنكي ان بعض رجال الأعمال( الضحايا) رفضوا حتي مجرد تقديم بلاغات ضد المتهم علي الرغم من ملايينهم التي ضاعت, وذلك تحاشيا لذكر اسمائهم ومعرفة حجم ارصدتهم التي يعكسها حجم ودائعهم, وكأنهم يؤكدون صحة المثل الانجليزي القائل( ما يأتي بسهولة يضيع بسهولة).. فالملايين التي تضيع بالنصب يمكن تعويضها بسهولة ويسر عن طريق الاحتكار والجشع ورفع الأسعار بلا مبرر أو وازع من ضمير.
</H3>