الصداقة .. وطن آخر

<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">تشبه أحداث الحكاية الدوران على أرضية غير ثابتة.. تلتصق على سطحها الأجزاء بحيث لا يمكن تمييزها .. وتختلط فيها مفاهيم الاتزان ويسهل السقوط مراراً.. فيما يخضع ما يعتقده البعض مسلّمات للتأويل والشك .. وتتناثر الأوراق الرسمية عند أول عاصفة.. وتستسلم لتراكمات النشأة الأولى .. وما خلفته العاطفة في الإنسان.. بالتحالف مع الزمان .. والمكان..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">مدخل: ها يا سلمى؟ شو قررتي؟ أنا بسير كلية التقنية.. وانتي؟ أنا بعد.. البارحه مليت الاستمارة ووقعتها بعد .. وانتي يا مروة؟ .. ها .. مادري .. «لا تقولين ما قررتي.. نحنا عشنا في نفس الفريج ودرسنا مع بعض .. لا تخلينا نفترق .. الله يخليج .. تعالي ويانا»..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">ترددت كثيراً قبل الإجابة .. فالانزلاق في دوامة السر الذي اختبأ مطولاً عصيّا على البوح بعد عمر من الحياة التي لا تقبل القسمة إلا على ثلاث صديقات .. بينما يبقى السر عدداً أولياً تحتفظ به..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">تخاف مروة أن يُفقد البوح الصداقة حصنها المنيع.. وأسوارها العالية.. أتراها كذبة؟ كلا!! بل تلك أمور ثانوية .. لا يجب أن نلقي لها بالاً.. فالعلاقات تفقد بريقها عند اصطدامها بالأمور المسطحة ..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">بداية:
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">مروة .. وردة أزهرت في ذات الفريج الذي أبصرت فيه أنوارَ الحياة كل من سلمى ونورة .. وارتوت حباً وشقاوة في أحضان اللعب حيث كانت الخطوة الأولى.. والمشية الأولى .. التي استقرت بقرار غيّر منحى حياة الأسرة في محاولة لتوفير عيش كريم لأفراد منتظرين.. وانخرطت العائلة بدورها في شبكة الحياة الاجتماعية وتبنت توابع القرار بفرح أحياناً .. وبخوف أحياناً كثيرة ..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">والد مروة إمام مسجد الفريج، وصديق الصغار قبل الكبار.. ورجل يكن له الجميع وافر الاحترام والمودّة.. فهو الجار القديم الذي قاسمهم مسرات الحياة وصعوباتها..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">منذ الطفولة.. التحقت مروة بمدرسة الحي حيث نشأت.. وكانت حلقة في سلسلة متصلة من الأحداث التي عاشتها زميلاتها في المدرسة، واستسلمت للصداقة البريئة.. التي جعلت منها نسخة شبيهة بمن عاشت معهم.. وأوغلت في عروقها حب هذا العالم الصغير.. الذي لا تتعرف على سواه.. ولم تكن تدرك غير تفاصيله.. الفريج .. البنات .. المدرسة .. شاطئ البحر الذي ارتمت على رمله مراراً وتغلغلت حباته في الروح قبل الجسد ..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">في طابور الصباح .. كانت تقف باستقامة شامخة.. تماماً كزميلتيها .. سلمى ونورة.. عين على العلم .. وقلب يسبق اللسان في التغريد بكلمات السلام الوطني .. «حصنتك باسم الله يا وطن..» الوطن الذي أحتضن؟ أم ذاك القابع خلف البحار؟ وطن القلب والروح.. أم وطن يستوطن الورق..؟
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">حقيقة: لم تكن تدرك مروة أن السر يتلبس في ألف صورة وصورة .. وأن الإجابة ستنزلق يوماً على سطح أسئلة الصديقات الملغومة برصاص الفضول .. ورغبتهن الجارفة في الحفاظ على الصداقة والعبور بها إلى بر أمان جديد ..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">كانت السنة الدراسية الأخيرة أوشكت على الانتهاء.. وموسم الامتحانات على الأبواب.. وطلبات الالتحاق بالجامعة تأخذ طريقها إلى المشرفة، «أبلة هذا طلبي أنا وزميلتي سلمى» «في طلبات ثانية ناقصه؟» «أبله بس مروة ما سلمت طلبها».. «مروة ما عندها طلب.. أبناء الوافدين ما يدخلون الجامعات الحكومية»..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">كان ذلك كفيلاً بأن يوقع صديقتا الطفولة تحت تأثير الصدمة لأيام.. سادها صمت الامتحانات.. «معقوله يا نورة .. ولا مرة مروة قالت إنها مب مواطنة!» «نحنا من يوم صغار مع بعض .. أنا مستغربه كيف ولا مرة سافرت بلادها؟»
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">حزمت الأمتعة .. وقبلها الذكريات.. واستعدت مروة لاستقبال حياة جديدة.. ، أسدلت الستائر على آخر فصول العتاب الذي دار مطولاً بينها وبين والديها حول ذلك السر.. وغادرت بترقب إلى بلدها الذي تلتقيه للمرة الأولى .. لغرض الدراسة.. بينما تترك خلفها الوطن الذي سكنها.. والأرض التي سكنت ..
</TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 width="100%" border=0><tr><td class=Text dir=rtl width="100%">أمل الفلاسي
</TD></TR></TABLE>

» الصداقة .. وطن آخر