إن صلة الرحم علامة كمال الإيمان وحسن الإسلام ومن فوائدها أنها تحقق السعة في الأرزاق والبركة في الأعمار واكتساب رضا الرب ثم محبة الخلق, وقد أخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام, والغريب انه قد يأتي رمضان والعاق مقيم علي عقوقه لوالديه, فأي صيام ينفعه, واي قيام يفيده, وقد أقام علي اقتراف أكبر الكبائر بعد الشرك, بنص الكتاب والسنة, فمثلما قرن الله تعالي الإحسان إلي الوالدين بالتوحيد في قوله تعالي: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا..., فقد قرن رسول الله صلي الله عليه وسلم عقوق الوالدين بالشرك في قوله عليه الصلاة والسلام: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا بلي يارسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين.
ومن الأحاديث التي ذم فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام عقوق الوالدين أنه قال: احفظ ود أبيك لا تقطعه فيطفيء الله نورك وقوله: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم, ودعوة المسافر ودعوة الوالد علي ولده.
لذلك فإن دخل عليك رمضان وعندك من الوالدين أحدهما أو كلاهما فلا تضيع صيامك بقطعهما, فالجنة في رضائهما. ومن صور بر الوالدين والإحسان إليهما ألا يقال لهما ما يكون فيه أدني تبرم, يقول الحق تبارك وتعالي: فلا تقل لهما أف... والقول أف للأبوين هو أردأ شيء لانه يعني رفضهما رفض كفر النعمة, وجحد التربية ورد الوصية الإلهية.
ولقد خص رب العزة حالة الكبر للوالدين, لأنها الحالة التي يحتاجان فيها الي البر لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر, فالزم في هذه الحالة مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمها من قبل, لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلا عليه, فيحتاجان إلي أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج إليه في صغره أن يليا منه.
ومن بر الوالدين الترحم عليهما والدعاء لهما, وأن ترحمهما كما رحماك, وترفق بهما كما رفقا بك, إذ ولياك صغيرا, جاهلا, محتاجا, فآثراك علي نفسيهما وسهرا ليلهما, وجاعا وأشبعاك, وتعريا وكسواك, فلا تجزهما إلا ببرهما وطاعتهما, وحين يبلغان من الكبر الحد الذي كنت فيه من الصغر,
.عليك أن تلي منهما ما وليا منك, ويكون لهما حينئذ فضل التقدم
بقلم: إبراهـيم نـافـع