لقاء القمة

هو الابن الوحيد لعائلة غنية جداً، كان والده يمتلك شركة لتزويد ناقلات النفط بالطعام، لذا جنى من وراء ذلك أموالاً طائلة. عندما تخرج من المدرسة ابتعثه والده إلى لندن لكي يكمل دراسته الجامعية هناك، إلا أنه لم يمكث طويلاً حيث عاد إلى بلاده من جديد، بعد أن أخبرته والدته بأن والده توفي في ظروف غامضة.

تحمل المسؤولية: طلبت الأم من ابنها الشاب أن يجمعا ما لديهما من مال وأن يبيعا الشركة وينتقلا إلى لندن، إلا أن الشاب رفض ذلك وقال لوالدته إنه سيدير الشركة بعد والده، خاصة وأن الحروب التي كانت تمر بها بلاده توقفت تقريباً. لم تجد الأم أمامها إلا أن ترضخ لرغبة ابنها وأن تشجعه على تحمل المسؤولية وتبارك له هذه الخطوة. بدأ الشاب يدير الشركة وبدأت تعود إلى نشاطها من جديد بعد توقف لأشهر عدة بسبب موت صاحبها، إلا أن الشاب فقد حماسه بعد فترة، حيث أصبح مدمناً على السهر في النوادي الليلية وقضاء معظم أوقاته بين الفنادق والسفر إلى الخارج.

في أحد الأيام جاء أحد الرجال الذين كانوا من ضمن أصحاب زوجها ليخبرها بأن الشركة قاربت على الانهيار وأن ابنها لا يأتي إليها إلا ليأخذ الفلوس وأن هناك من يتربص بالشركة إما لتحطيمها لأنها شركة منافسة أو للاستيلاء عليها لنفسه. لم تستحسن السيدة هذا القول وبدأت تبحث عن ابنها، حيث وجدته قد استأجر شقة ليقضي فيها أوقاته مع الحسان والمشروبات.

حاولت الأم أن توقظ ابنها مما هو فيه وأن يهتم بالشركة التي مات والده من أجلها، ورغم أن الشاب وعدها بأنه سيفعل، إلا أنه عاد إلى الشركة ليأخذ أموالها الجديدة، لكن المحاسب أخبره بأن هناك ديوناً تصل إلى نحو ربع مليون دولار يجب تسديدها للمطاعم التي كانت تزود الشركة بالطعام، كما أخبره أيضاً أن الشركة لم تعد تلبي طلبات ناقلات النفط من الطعام، وأن الشركات الأخرى استغلت هذا الوضع وسحبت البساط من تحت أقدامهم.

لم يهتم الشاب كثيراً بهذا الحديث وبدلاً من أن يفيق عن غفلته طلب من المحاسب أن يعطيه فلوساً من الشركة وإن لم يكن هناك فلوس فليعطه من حسابه الخاص على شكل دين سيسدده له فيما بعد.

السفر إلى دولة مجاورة

في إحدى الأمسيات انفجرت اشتباكات عنيفة في المدينة التي يعيش فيها الشاب، وأصبح الوضع خطيراً، لذا قرر أن يترك بلاده إلى بلد مجاور حتى تهدأ الأمور ثم يعود إلى حيث أتى، طلب الشاب من والدته مرافقته إلا أنها رفضت. قامت الوالدة بإعطائه ما لديها من مال وقطع من الذهب قائلة له لعلها تنفعك في غربتك، وبالطبع لم تنسَ أن توصيه بأن يهتم بنفسه وماله الذي معه باعتبار أن هذا المال هو آخر ما لديها، كما طلبت منه الاستقامة وعدم اللجوء إلى السهر وبنات الليل كما كان يفعل في السابق.

عندما وصل الشاب إلى مقصده استأجر غرفة في أحد الفنادق وبدأ يعيش حياة السهر والمتعة، كما كان يفعل في السابق وفجأة وجد نفسه غير قادر على دفع نفقات الغرفة في الفندق ما اضطره لأن يبحث عن شقة صغيرة بعيش فيها. خلال وجوده في الفندق تعرف على عدد من أبناء بلاده الذين ساعدوه على إيجاد شقة، أصبحت فيما بعد مكاناً يلتقي فيه كل الأصدقاء للسهر ولعب الورق وشرب الكحول. كان الشاب بارعاً في لعب الورق، وكثيراً ما كان يكسب آلاف الدولارات في الليلة حتى ذاع صيته بين محبي هذه اللعبة وباتوا يلقبونه بالملك، وذلك لأنه نادراً ما يخسر.

كان الملك يصطحب معه صديقته الشقراء وكان يجلسها دائماً على الكرسي الملاصق له، كانت المرأة جميلة للغاية وكانت وهي جالسة بجانب الملك تظهر معظم مفاتن جسدها وذلك كي تلفت انتباه اللاعبين وتشتت تفكيرهم فيفوز الملك بنصيب الأسد، وعندما كان أحد اللاعبين يطالب الملك بأن يطلب من صديقته الابتعاد عنه كان الملك يرفض ذلك بحجة أنها تجلب له الحظ، وكان الملك عندما يسمع ذلك من أحدهم يقول له إن كنت تشعر بالغيرة فاحضر معك دستة من النساء فلن يمنعك أحد.

لقاء القمة

عرف أحد الرجال والذي كان يلقب بالعمدة متعة الملك وطلب أن يقابله ويتحداه في لعبة الورق، كان اللقاء بين لاعبين محترفين فكلاهما لا يُغلب ولهذا أطلقوا عليه «لقاء القمة»، في الليلة الموعودة تقابل الرجلان الملك والعمدة ورحب الملك بضيفه العمدة وبرفاقه، فقد كان اللقاء في شقة الملك وبعد تبادل الأحاديث تكلم العمدة موجهاً كلامه للملك قائلاً: لقد سمعت عنك الكثير وعن مهارتك وأنا الليلة جئت أتحداك في بيتك ولكن سواء فزت أم لم أفز فأنا بالتأكيد كسبت الكثير لأنني عرفت رجلاً مثلك.

استحسن الملك هذا الكلام ورحب بضيفه وأًصدقاء ضيفه من جديد.

بدأ الملك والعمدة اللعب وكان الكل ينتظر النتيجة، وكانت صديقة الملك الشقراء تجلس إلى جانب الملك مظهرة معظم مفاتنها كالعادة، أما صديقة العمدة فقد جلست في كرسي خلف العمدة تشجعه وتطالبه بالفوز على الملك. كان العمدة مشدوهاً بجمال ورقة صديقة الملك ولولا بقية من حياء لطلب منها موعداً أمام الملك، في تلك الليلة خسر العمدة (5000) دولار، وعندما انتهت السهرة حاول الملك أن يعيد له جزءا من المبلغ لكن العمدة رفض قائلاً إنه سيعود في الليلة المقبلة ويسترد ما خسره.

عندما رجع العمدة إلى شقته طلبت منه صديقته ألا يعود إلى شقة الملك مرة ثانية، وعندما سألها عن السبب قالت له لقد لاحظت عليك كم كنت مهتماً بصديقة الملك لذا لا أريدك أن لا تعود إلى هناك من جديد. ضحك العمدة وقال لها سأعود لأسترد فلوسي وأهزم الملك في شقته، في نهاية الأسبوع التقى الجميع في شقة الملك وخلال اللقاء أبدى العمدة اهتماماً كبيراً بصديقة الملك حتى أنه لم يعد يهتم لخسارته بقدر اهتمامه بها.

هذا الاهتمام آثار غيرة صديقة العمدة التي قررت أن تضع حداً لهذا الإعجاب، وقالت للعمدة إن ذهبت هناك من جديد سأخبر الملك بأنك معجب بصديقته وأنك تذهب هناك ليس للعب بل لتقيم معها علاقة خاصة. آثار هذا الكلام حفيظة العمدة الذي هدد صديقته بأنه سيقتلها إن هي فعلت ذلك. فغريزتها كامرأة أحست صديقة الملك باهتمام العمدة بها لذا عندما كان العمدة خارجاً من شقة الملك بعد سهرة هناك وقام بالسلام على الملك وعليها كانت وضعت له رقم هاتفها النقال في ورقة صغيرة، وعندما وضعت يدها في يده أحس العمدة بالورقة فأخذها بيده دون أن يشعر بذلك الملك الذي كان همه أن يأتي العمدة كل ليلة ليخسر آلاف الدولارات التي في النهاية تدخل في جيب الملك.

السر

بدأت صديقة العمدة تراقب العمدة لتعرف مدى علاقته بصديقة الملك وأخيراً وقع المحظور فقد جاءت صديقة العمدة إلى شقة العمدة فوجدت صديقة الملك والعمدة جالسين معاً رحب العمدة بصديقته التي استشاطت غضباً وطلبت من صديقة الملك أن تترك الشقة في الحال. حاول العمدة أن يصلح الموقف لكن صديقة الملك أحست بالغضب الشديد وانصرفت، بعد انصراف صديقة الملك بدأ العمدة يعاتب صديقته على تصرفها السخيف مؤكداً بأنه ليس بينه وبين صديقة الملك أي شيء وأن كل ما بينهما عمل فقط.

قالت صديقة العمدة إما أن تطلعني على نوع العمل الذي بينكما وإلا سأقول للملك عن كل شيء، بدأ العمدة يرجو صديقته أن لا تفعل واعداً إياهاً بإنهاء علاقته بالملك وبشقة الملك بعد أن يستعيد فلوسه التي خسرها، لكن صديقته لم تقتنع بذلك قائلة انه الملك هو الذي يكسب وأنت ورفاقك تخسرون فقد زادت خسارتكم في تلك الشقة الملوثة أكثر من (000,35) دولار فكيف ستعيد فلوسك إذاً.

قال لها العمدة سأفعل وسأستعيد فلوسي وسأجعل الملك يندم على ما فعله بي، ولكن أرجوك أمهليني شهراً أو شهرين، قالت لن أمهلك يوماً إلا إذا قلت لي ما هو العمل الذي تدعيه بينك وبين صديقة الملك. قال لها سأخبرك بكل شيء، إذا وعدتيني بأن يبقى هذا الأمر سراً بيننا. قالت له سرك في بئر عميق فلا تخشى شيئاً.

فقال لها لقد عرفت كيف أن الملك لا يخسر، لقد عرفت سره ولأنني عرفت سره فسأغلبه، وأضاف أنا لا أنكر أنني أستلطف صديقة الملك فهي امرأة جميلة جداً وأنت تعرفين ذلك، وقد قدمت لها الكثير من الهدايا لأتقرب منها لكنها أعطتني أكثر من ذلك، فقد قالت لي بأنها لا تستطيع أن تستمر مع الملك لأنه عصبي جداً ومزاجي جداً، لكنها لا تستطيع أن تهجره من دون سبب لأنه ينفق عليها.

وأضافت: لقد أعجبت بك وبهدوء أعصابك لذا أحببت أن أكون معك، لذا سأطلعك على السر الذي يكسب فيه الملك دائماً لأنني أريده أن يخسر، فلو خسر فلن يبحث عني لأنني سأكون عبئاً مادياً عليه، لذا فإنه لن يأسف إن تركت الشقة وهذا في الحقيقة هو ما يريده.

وقالت ان الملك يضع أربعة كراسي على الطاولة التي نلعب عليها وكل كرسي من الخلف عليه رقم، وخلف الستارة هناك ثلاث كاميرات مسلطات على الكراسي الثلاثة التي يجلس عليها كل من يريد أن يلعب، أما كرسيه هو فلا يوجد وراءه أي كاميرا. وعند بدء اللعب أقوم أنا بالجلوس إلى جانبه.

حيث تبدأ الكاميرات الثلاث بكشف أوراق اللاعبين الثلاثة (أو الاثنين وفقاً للعب) عن طريق أرقام مبرمجة على هاتفي النقال، فأنا أحول أرقام الكاميرات فيظهر كل شخص ما معه من أوراق على شاشة هاتفي النقال، حيث يعرف هو من خلال النظر إلى هاتفي الذي دائماً أحمله في يدي ما لدى كل لاعب من وراق ويقارن ما لديه من ورق، وعندئذٍ يقرر أن يراهن على مبلغ كبير أو مبلغ صغير أو أن ينسحب.

ثم هناك سر آخر وهو أنه عندما يضع يده على ساقي فإنه يقوم بأخذ ورقة كبيرة مثل (آس، أو كينغ أو جالا... إلخ) أكون أنا قد وضعتها تحت يدي ووضعت يدي على ساقي فيقوم بوضع يده فوق يدي التي على ساقي ويأخذ الورقة دون أن يشعر به أحد، بل إن الجميع يظنون أنه يداعبني بوضع يده عليّ، إلا أن الحقيقة هي غير ذلك.

وأضاف «العمدة» هذا نوع علاقة العمل الذي بيني وبين صديقة الملك، فالأمر ليس كما تظنين.

بعد أن عرف العمدة سر الكاميرات، عاد إلى شقة الملك وكله ثقة بأنه سيعيد فلوسه التي خسرها، حيث قرر أن يلعب وأن يغطي ورق اللعب جيداً بيديه حتى لا تستطيع الكاميرات التي خلفه أن تصوّر شيئاً.

نجحت خطة إخفاء الورق عن عين الكاميرا، وبدأ العمدة يكسب كل ليلة الكثير من الملك الذي أصبح هائجاً كالثور، لأنه لم يعد يسيطر على الوضع، وبات يخسر الكثير من المال.

ما لم يكن في الحسبان

في أحد الأيام جاءت صديقة العمدة إلى شقته فوجدت الباب مغلقاً من الداخل، فعرفت أن العمدة مع امرأة أخرى، لذا انتظرت خارج مبنى العمارة، وبعد وقت خرجت من العمارة صديقة الملك، عندها تأكدت أن هناك علاقة خاصة بين العمدة وصديقه الملك. أسرعت صديقة العمدة واتصلت بالملك وأخبرته بأن صديقته تخونه مع العمدة، وأنها كشفت للعمدة أسرار الكاميرات التي تكشف أوراق اللعب.

جنّ جنون الملك وانتظر صديقته حتى عادت حيث دخلت المطبخ لإعداد القهوة، فما كان منه إلا أن غافلها وضربها من الخلف بسكين اخترقت ظهرها. استدارت المرأة وغرست أظافرها في عيني الملك، إلا أنه عاجلها بطعنة أخرى في صدرها، حاولت المرأة تتقي ضربات السكين بيديها، فكان عدد السكاكين التي غرست في كفها الأيسر وحده خمس سكاكين، أما باقي جسمها فقد أصيب وفقاً للطبيب الشرعي ب27 ضربة سكين.

أحس الجيران بأن هناك أمراً غير طبيعي يجري في الشقة بعد أن سمعوا صوت امرأة تستغيث، حيث اتصلوا بالشرطة التي جاءت إلى الشقة، وعند اقتحامها شاهدوا كأن معركة جرت فيها، فقد كانت الدماء تغطي الجدران وأرضية الشقة.. كان المنظر مروعاً، فقد شاهدوا امرأة تسبح في بركة من الدماء وهي بملابس خفيفة وقد ظهرت آثار السكين على جسدها الذي فارقته الروح.

أما الملك، فقد كان يحاول أن يضع بعضاً من القطن على جروح غائرة في وجهه وحول عينيه.. لم يستطع الملك أن ينكر جريمته، فقد كانت أداة الجريمة لا تزال أمامه على الأرض، كما كان جلد وجهه تحت أظافر السيدة.

تم نقل الملك وصديقته بسيارة الإسعاف إلى المستشفى. بعد أن تعافى الملك من جروحه وقف أمام القاضي الذي حكم عليه بالإعدام لقيامه بالقتل مع سبق الإصرار والترصد. بعد أن نطق القاضي بالحكم قال له محاميه سأستأنف حتى لا تعدم. فرد عليه الملك: أرجوك لا تفعل. في القفص ذاته وقف العمدة ووقفت صديقته بتهمة ممارسة الرذيلة والقمار.

إعداد أحمد سلطان