إنهم يستغلون المناسبات الدينية

قلت أمس إن التجار ومن بأيديهم مقدرات السوق في جميع بلدان العالم، يحترمون مناسباتهم الدينية ويقدسونها ويقدمون أفضل صور التضحية لمساعدة أكبر قدر ممكن من البشر خلالها·· ولكن في بلاد الإسلام، ومع الأسف الشديد يحدث العكس·· فما أن تقترب مناسبة دينية حتى يكشر بعض التجار ''المسلمين'' عن أنيابهم لينهشوا من لحوم الناس، فتشتغل أذهانهم وعقولهم بدافع الشر الذي يكمن في نفوسهم لاختراع أفضل الطرق والأساليب لسرقة الكحل من عيون الأبرياء· ولو أن هناك جائزة دولية تمنح لأفضل تاجر في العالم يبتكر أحدث طريقة وأكثر الأساليب تطوراً في استغلال الناس وسرقتهم، لتفوق تجار في بلاد الإسلام بدون أدنى منافسة أو شك بكافة الجوائز والميداليات وشهادات الاعتراف بأنهم الأكثر قدرة على استغلال كافة المناسبات الدينية·
تتضاعف الأسعار قبل رمضان وعيدي الفطر السعيد والأضحى المبارك وقبل موسم الحج بأيام معدودات·· البضائع والمواد الغذائية الضرورية تختفي من الأسواق لأن تجاراً ''مسلمين'' يتعمدون إخفاءها بغية رفع أسعارها·· قبل أيام من يوم النحر والوقوف بعرفة وهي من أقدس مناسباتنا الدينية تختفي الذبائح من الأسواق ثم تظهر فجأة بأكثر من ثلاثة أضعاف أسعارها الأصلية استغلالاً لحاجة الناس وللمناسبة الدينية·· كل الأسعار الخاصة بزيارة الأماكن المقدسة في مكة والمدينة تتضاعف مئة مرة بحيث لايمكن لأي فقير أو متوسط الحال أن يفكر مجرد التفكير مشاركة الآخرين فرحتهم·· آخر خبر قرأته يفيد بأن أسعار عمرة رمضان، قد ارتفعت بمقدار مئة بالمئة هذا العام عن أسعار العامين الماضيين، يعني ''مش بوزك'' أيها المسلم الفقير·· وبعد كل هذا التناقض في سلوكياتنا تجاه أقدس مناسباتنا الدينية، لا يخجل البعض منا عن كيل السباب والشتائم لبقية الشعوب والأمم، وتوجيه اللعنات لهم·· فهذه شعوب ''كافرة'' وتلك ''ملحدة''·
الغريب أن المستغلين يعلمون أنهم يسرقون الناس في هذه المناسبات·· والدليل هو أن أسعار نفس البضائع تنخفض لأقل من النصف بعد المناسبة·· وأسعار عمرة رمضان تنخفض إلى أقل من عشرة بالمئة من قيمتها في غير أيام رمضان مع أن المعتمر يسافر بنفس الوسائل ويقوم بنفس الخطوات ويزور نفس الأماكن ويقيم في نفس الفنادق والبيوت·· فلماذا ترتفع الأسعار إذاً ؟·· الإجابة بسيطة، لأن تجاراً ''مسلمين'' في بلادنا يضاعفون أسعار النقل والسفر والإقامة والمأكولات والمشروبات وكل ما يتعلق بأمور المسلم الراغب في أداء هذه الفريضة·
البعض شاطر في أن يطلق الصفات والنعوت البشعة على بقية الشعوب والأمم والديانات، ولكنه يتناسى ما الذي يفعله تجار مسلمون بأبناء جلدتهم في أقدس مناسباتهم الدينية·· السموحة من أفعالنا وأقوالنا يا شعوب العالم·

عبد الله رشيد