اذا وجدت دولة ما نفسها عاجزة عن دفع اثمان وارداتها بسبب افتقارها
الى العملة الصعبة، فإنها اعتياديا تلجأ الى صندوق النقد الدولي او الى الدول
الاخرى لاقتراض المبالغ الضرورية.
اما اذا اخفقت في ذلك، لن تتمكن من استيراد
السلع والخدمات الضرورية، وهو احتمال خطير جدا خصوصا لبلد كايسلندا يعتمد على
الاستيراد بشكل كبير.
ودأب صندوق النقد الدولي تاريخيا على استخدام القروض التي
يمنحها للدول المختلفة كأداة للضغط على هذه الدول لاجبارها على اتباع سياسات
اقتصادية ونقدية معينة (ويتهم بعض النقاد الصندوق باستخدام اساليب الاكراه، وبأنه
مولع اكثر مما ينبغي بعقيدة الاسواق الحرة).
الا ان الدول يمكنها الاقتراض ايضا
من الدول الاخرى، وفعلا تزمع ايسلندا الطلب من روسيا اقراضها مبلغ 5.5 مليارات
دولار في مفاوضات ستنطلق يوم الثلاثاء المقبل. ما هو دور صندوق النقد
الدولي؟
على خلاف مصفي الاملاك في حالات الافلاس التجاري الاعتيادية، لا
يستولي صندوق النقد الدولي على اصول والتزامات الدول "المفلسة" التي تعني في هذه
الحالة الدولة بأسرها وكافة ديونها.
الا ان الصندوق لديه مجموعة مما يطلق عليها
"التسهيلات" المالية التي تتقاضى فوائد بالنسب السائدة في الاسواق. كما للصندوق
تسهيلات خاصة تستخدم في حالات تعرض الدول للازمات الاقتصادية الخارجة عن سيطرة
حكوماتها.
وتتميز القروض التي يمنحها صندوق النقد الدولي عادة بأنها ترتبط
بباقة من الشروط على الدول المدينة تطبيقها لحل المشكلة التي اوصلتها اصلا الى
ابواب الصندوق.
ولكن صندوق النقد الدولي لا يستطيع التصرف الا بدعوة من حكومة
الدولة المعنية. هل يهب الصندوق لنجدة ايسلندا؟
قال صندوق النقد الدولي يوم
الخميس المنصرم إنه قرر تفعيل آلية طوارئ من شأنها منح القروض السريعة للدول التي
تعاني من صعوبات مالية جدية. وتمكن هذه الآلية الصندوق من التوصل الى قرار باطلاق
القروض في فترة لا تتجاوز العشرة ايام.
وكانت ايسلندا قد قالت عدة مرات إنها لم
تتخذ قرارا فيما اذا كانت بصدد طلب مساعدة الصندوق، ولو انها لم توصد الباب في وجه
هذا الاحتمال. ما هو اصل الازمة الايسلندية؟
تنبع المشكلة التي تواجه
ايسلندا من الديون الضخمة التي كبلت مصارفها الرئيسية انفسها بها، فحسب احصاءات
مؤسسة تومسون رويترز تدين البنوك الايسلندية الكبرى الثلاث (كاوبتهينج ولاندزبانكي
وجليتنير) ما مجموعه 62 مليار دولار.
وقد تم اضطرت هذه البنوك الى تجميد
نشاطاتها حتى قبل تفاقم الازمة المالية في الاسبوع الجاري، ولم تعد تتمكن من الوفاء
بالتزاماتها قصيرة الامد تجاه عملائها.
وقد اضطرت الحكومة الايسلندية الى وضع
يدها على معظم القطاع المصرفي في البلاد، والى التخلي عن خطة للدفاع عن عملتها،
والى ايقاف عمليات بيع وشراء الاسهم، ووجدت نفسها منخرطة في صراع دبلوماسي مع
بريطانيا، واضطرت الى البحث عن المساعدة من الخارج.
نفسها عاجزة عن دفع اثمان
وارداتها بسبب افتقارها الى العملة الصعبة، فإنها اعتياديا تلجأ الى صندوق النقد
الدولي او الى الدول الاخرى لاقتراض المبالغ الضرورية.