آغاثا كريستي

"إبزيم الحذاء"؛ هي أكثر رواية معقدة قرأتها لأغاثا كريستي حتى الآن؛ حل الجريمة كان في منتهى الصعوبة، وحتى حين أكملت الرواية وقرأت الحل، لم أستطع فهمه إلا بعد مضي أيام عدة.
يجذبك في روايات آغاثا الغموض المتواصل وسهولة النسيج، فتواصل القراءة شاعراً بإثارة كبيرة لمعرفة ما القادم، وفي الوقت نفسه، نسيجها يعطيك الحلول والشكوك والاحتمالات في آن واحد، ولك أن تختار. هي واحدة من أروع من كتبوا في الجريمة والروايات البوليسية، وهي كذلك أكثرهم غموضاً في حد ذاتها.
أغاثا بطبعها رافضة للبذاءة أو ما سواها من وسائل قد يتبعها بعض المؤلفين لجذب القراء، فتجد رواياتها كافة جميلة، مميزة ونظيفة كما أحب تسميتها، حتى وإن رغبت في الإشارة إلى أمر لا أخلاقي، فهي تنتقي الكلمات المناسبة لصياغة الأمر، جاعلة رواياتها مناسبة لأعمار مختلفة وعقليات متفاوتة، الأمر الذي دعاني لمشاركة رواياتها مع أخواتي الصغيرات سناً، واللاتي استولى عليهن الإعجاب بأغاثا مثلي تماماً، فأصبحنا نتشارك النقاش والاحتمالات، وحتى الانطباعات حول ما تكتب.
رواية إبزيم الحذاء وهي كما ذكرت معقدة في بنيتها، حيث تقود القارئ بعيداً عن الملابسات الحقيقية للجريمة، وتغويه تماماً بالشخصيات الغامضة أمامه والأحداث الساخنة، حتى يكتشف في النهاية أن البريء كان شيطاناً، والمتهم كان بريئاً طوال الوقت، وفي الوقت ذاته، يشارك القارئ إحساسه واكتشافه هذا في نهاية الرواية، مع إحساس المحقق "بوارو" محقق أغاثا العظيم الذي كان بطلاً للعديد من رواياتها.
الكثير من رواياتها تم عرضه على شكل أفلام ومسرحيات وحتى مسلسلات، عرضت فيها جرائم لا تعد ولا تحصى من وحي خيالها، وما يبهر فيها أن الحلول تكون دائماً موجودة بين الأسطر، ولكن تحتاج إلى شيء من تركيز وبداهة لا أكثر، ومع كل رواياتها وأفكارها الإجرامية الفذة أتساءل دوما، كيف لعقلية كهذه ألا تقتل فعلاً ؟

بقلم لطيفة المقبالي - العين